تواصلت ،السبت، نكسات الرياضيين الجزائريين المشاركين في أولمبياد لندن 2012، لتسير الجزائر على طريق مفتوح لتحقيق "صفر أولمبي" جديد، إن لم يتمكن الثنائي توفيق مخلوفي في الـ1500 متر وعبد الحفيظ بن شبلة في الملاكمة من حفظ ماء وجه الجزائريين في آخر لحظة، لتتأكد بذلك توقعات المتتبعين بتحقيق الرياضة الجزائرية لواحدة من أسوإ مشاركاتها الدولية، على خلفية المشاكل الكبيرة التي صاحبت تحضير الرياضيين الجزائريين لهذا الموعد الأولمبي، كان أبطالها أكبر المسؤولين على الرياضة الجزائرية، الذين بدل وضع الرياضيين في أحسن الظروف تفرغوا لتصفية حسابات شخصية ضيقة كلفت الجزائر والجزائريين غاليا في موعد لندن، في وقت تبقى وزارة الشباب والرياضة تلتزم فيه الصمت، أما الرياضيون فبرزوا بفضائح السرقات والمنشطات بدل الصعود على منصات التتويج.
صدام حنيفي وجياّر.. واللجنة الأولمبية تتهم الوصاية بـ"البخل"
بوادر الإخفاق الأولمبي كانت ظاهرة للعيان من خلال الصراع والخلافات الكبيرة بين وزير الشباب والرياضة الهاشمي جيّار ورئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية الدكتور حنيفي، حيث تبادل الرجلان الانتقادات المباشرة والمبطنة، خاصة من قبل حنيفي، الذي قال في تصريحات صحفية، إن المساعدات المالية المخصصة من قبل الوصاية لهيئته شحيحة جدا، قائلا إنها "غير كافية لتغطية نشاطات اللجنة الأولمبية"، في إشارة ضمنية لرغبته إبعاد مسؤولية أي إخفاق عنه، علما أن الوزارة جمدت الإعانات بسبب هذا الخلاف، ولم يكتف رئيس "الكوا" بذلك، بل ذهب إلى الحد اتهام الوصاية بالتدخل في صلاحيات واستقلالية اللجنة الأولمبية، ملوحا حينذاك بـ"عصا" اللجنة الأولمبية الدولية، عندما قال "من المفروض أن تتمتع اللجنة الأولمبية بالاستقلالية كما تفرضه قوانين اللجنة الدولية"، في سيناريو مشابه للخلاف الذي حصل بين الفاف والوصاية في وقت سابق، وتأكد الانسداد بين الرجلين أعلى مستوياته، عندما غاب الدكتور حنيفي عن حفل الاستقبال الذي خص به جياّر البعثة الجزائرية قبل السفر إلى لندن، في تصرف غير مقبول تماما من مسؤول يبقى رغم كل الشيء المسؤول الأول عن المشاركة الجزائرية في الأولمبياد، وهو تصرف زاد من درجة فقدان الأمل في انتفاضة رياضية جزائرية في الأولمبياد.
.
السفر على وقع انقسامات أعضاء اللجنة الأولمبية
والغريب في الأمر أن الدكتور حنيفي لم يكتف بفتح جبهة صراع واحدة، بل تعداه إلى الصراع مع أعضاء مكتبه، في وقت كان من المفروض على الجميع تغليب المصلحة العامة والإعداد بشكل جيد للاولمبياد، خاصة بعد أن قرر أعضاء المكتب التنفيذي، المدعمين من قبل الوزارة بسحب الثقة من حنيفي، لتنقسم اللجنة الأولمبية في مرحلة حساسة جدا من حسابات مشاركة الجزائر في الأولمبياد، حيث تفرغ المسؤولون لتسوية خلافاتهم بدل الاهتمام بالرياضيين الجزائريين، وهو أمر ساهم بشكل مباشر في حادثتي السرقة اللتين تسبب فيها لاعبتا كرة طائرة وملاكمون جزائريون، في ظل الانفلات الحاصل بداخل أكبر الهيئات الرياضية الجزائرية.
.
"رياضيون سارقون" في خمسينية الاستقلال
هذه الخلافات كانت سببا مباشرا لارتكاب رياضيين جزائريين لفضيحتين من العيار الثقيل، شوهت سمعة الجزائر عالميا، بعد إقدام لاعبتين من المنتخب الوطني للكرة الطائرة بالسرقة داخل مركز تجاري فرنسي عشية السفر إلى لندن، ثم قيام ملاكمين بسرقة دراجات هوائية وتحويلها إلى غرفهم داخل القرية الأولمبية، في وقت اكتفى كل رياضيي العالم بتركها بالمناطق المخصصة لها داخل القرية الأولمبية، وهما الفضيحتان اللتان تصدرتا الصحف العالمية، في خضم احتفال الجزائر بخمسينية الاستقلال، وهي الفضيحة التي لا تدع أي مجال للشك بمدى الفوضى والتسيب، اللذين تعرفهما الرياضية الجزائرية في السنوات الأخيرة، والدليل عجز أي رياضي جزائري من الصعود على منصة التتويج لحد الآن، وعلى رأسهم صوريا حداد صاحب برونزية بكين 2008، والتي كانت دخلت في خلافات حادة مع الاتحاد الجزائري للجيدو إلى درجة مقاطعتها للمنتخب الوطني في فترة من الفترات.
.
المنشطات تسقط عدائي الجزائر
ولم يتوقف سيناريو الفضائح عند هذا الحد، بل وصل على حد إقصاء عدائين جزائريين من المشاركة في موعد لندن بداعي تناول المنشطات، بعد سقوط العداءين زهرة بوراس والعربي بورعدة في اختبار الكشف عن المنشطات، في سابقة خطيرة في تاريخ الرياضة الجزائرية، حيث حظيت القضية بمتابعة الصحف العالمية كما كان الحال مع قضية السرقة، لتتصدر بذلك الجزائر أخبار فضائح الأولمبياد بامتياز، وهي تطورات تؤكد غياب الرقابة والإهمال من قبل الاتحاد الجزائري لألعاب القوى، هذا فضلا عن الخلافات الحادة داخل عدة اتحادات رياضية، ما تسبب في النتائج الكارثية في لندن.
.
أسطوانة التحضير للأولمبياد المقبل لـ"تنويم" الجزائريين
وفي ظل هذه المشاركة الكارثية، سيعود المسؤولون الجزائريون للبحث عن التبريرات الواهية، على غرار نقص التجربة والمشاركة بتعداد شاب، كما كان عليه الحال لتبرير إخفاقي الألعاب العربية والألعاب الإفريقية، وكما كان عليه الحال أيضا بعد أولمبيادي أثينا وبكين، على غرار ما جرت عليه العادة كل مرة، دون محاسبة المتسببين في الإخفاق والفشل الذريع في لندن 2012، رغم تخصيص الدولة الجزائرية لـ50 مليار سنتيم لتحضير الوفد المشارك في الأولمبياد، كل هذا من أجل "إقناع" الجزائريين بسياستهم الرشيدة، التي ستعطي أكلها بعد سنوات وسنوات، ولو أن ذلك لن ينجح هذه المرة لأن تواصل الإخفاقات الرياضية دليل واضح على فشل السياسة الرياضية المنتهجة والمسؤولين الحاليين دون استثناء.