الكلام في ماهية الحب من كتاب طوق الحمامة

علامات الحب

للحبعلامات يقفوها الفطن و يهتدي اليها الذكي.فاولها ادمان النظر و العين بابالنفس و هي المنقبة عن سرائرها،و المعبرة لضمائرها و المعربة عنبواطنها.فترى الناظر لا يطرف،يتنقل بتنقل المحبوب و ينزوي بانزوائه و يميلحيث مال كالحرباء مع الشمس.و في ذلك يقول ابن حزم الاندلسي:
فليس لعيني عند غيرك موقف كأنك ما يحكون من حجر البهت
اصرفها حيث انصرفت وكيفما تقلبت كالمنعوت في النحو و النعت
ومنها الاقبال بالحديث،فما يكاد يقبل على سوى محبوبه و لو تعمد ذلك،و انالتكلف ليستبين لمن يرمقه فيه و الانصات لحديثه اذا حدث و استغراب كل مايأتي به و كأنه عين المحال،و خرق العادات،و تصديقه و ان كذب و موافقته وانظلم، و الشهاذة له و ان جار،و اتباعه كيف سلك و اي وجه من وجوه القولتناول.
و منها الاسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه،و التعمد للقعود بقربه والدنو منه و اطراح الاشغال الموجبة للزوال عنه و الاستهانة بكل خطب جليلداع الى مفارقته و التباطؤ في المشي عند القيام عنه.و في ذلك يقول ابن حزم:
و اذا قمت عنك لم امش الا مشي عان يقاد نحو الفناء
في مجيئي اليك احتث كالبد ر اذا كان قاطعا للسماء
و قيامي ان قمت كلانجم العا لية الثابتات في الابطاء
و منها اضطراب يبدو على المحب عند رؤية من يشبه محبوبه او عند سماع اسمه فجأة. و في ذلك يقول ابن حزم:
اذا ما رأت عيناي لابس حمرة تقطع قلبي حسرة و تفطرا
غدا لدماء الناس باللحظ سافكا و ضرج منها ثوبه فتعصفرا
و من اعلامه انك تجد المحب يستدعي سماع اسم من يحب و يستلذ الكلام في اخباره و لا يرتاح لشيء ارتياحه لها......
ومن علاماته حب الوحدة و الانس بالانفراد،و نحول الجسم دون حد يكون فيه و لا وجع مانع من التقلب و الحركة و المشي.
و السهر من اعراض المحبين و قد أكثر الشعراء في و صفه و حكوا انهم رعاة الكواكب و واصفوا طول الليل.
و ترى المحب اذا لم يثق بنقاء طوية محبوبه له، كثير التحفظ مما لم يكن يتحفظ منه قبل ذلك، مثقفا لكلامه مزينا لحركاته.......
و من آياته مراعات المحب لمحبوبه و حفظه لكل ما يقع منه و بحثه عن اخبارهحتى لا تسقط عنه دقيقة و لا جليلة،و تتبعه لحركاته، يقول ابن حزم: و لعمري لقد ترى البليد بصيرا في هذه الحالة ذكيا و الغافل فطنا.
و لقد كنت يوما قاعدا في دكان اسماعيل بن يونس الطبيب الاسرائيلي، وكانبصيرا بالفراسة محسنا لها،و كنا في لمة،فقال له مجاهد بن الحصين القيسي:ما تقول في هذا؟ و أشار الى رجل منتبذ عنا ناحية اسمه حاتم و يكنى أباالبقاء، فنظر اليه ساعة يسيرة ثم قال: هو رجل عاشق فقال له: صدقت، فمن اينقلت هذا؟؟ قال:لبِهت مفرط ظاهر على وجهه فقط دون سائر حركاته،فعلمت أنهعاشق وليس بمريب.