ومن حسن حظ اللاعب أنه قد أعفي من مواجهة المنتخب التنزاني بسبب البطاقة الحمراء التي تلقاها مع الخضر في المونديال، لكنها بالمقابل ستفوّت عليه فرصة كبيرة وهي زيارة الجزائر لارتباطه مع فريقه، خاصة وأن اللاعب يؤكد بأنه يعتبر أن الأيام الرمضانية هي أفضل بالجزائر.
قائد "الخضر" عنتر يحيى تحدّث عن الصعوبات التي تواجه المسلم الصائم خلال الشهر وخاصة بعد الإفطار: "العام الماضي لعبنا مباراة ضد المنتخب الزّامبي في شهر رمضان بعد الإفطار، حيث تناولنا وجبة الإفطار في السابعة مساءً ولعبنا في الساعة العاشرة أي بعد ثلاث ساعات ولن أخفي عليكم أن الأمر كان صعباً للغاية، لكن الإيمان في النهاية هو ما يقوينا ويساعدنا على تجاوز الصعوبات".
وكانت الصحف العالمية قد رصدت بشكل عام والفرنسية منها بشكل خاص ردود الفعل والآراء قبيل شهر رمضان الفضيل، ويأتي تركيز الصحافة الفرنسية لوجود عدد كبير من اللاعبين العرب والمسلمين في البطولات الفرنسية يجعل من القضية ذات اهتمام عام في الشارع الفرنسي.
صحيفة "ليكيب« نقلت عن المدرب، كرستيان غوركوف، صاحب الخبرة في المنطقة العربية قوله: "المشكلة ليست في عدم تناول الطعام وإنما في نقص السوائل والمحاليل السكرية، وهذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى زيادة احتمال حدوث الإصابات مما يجبر المدربين على تغيير طرق التدريب واللجوء في بعض الأحيان إلى التقليل من فترات التدريب للاعبين المسلمين".
وبكل الأحوال، يبدو أن اللاعب المسلم نجح بفضل قدراته ومهاراته فرض نفسه في عالم الكرة الأوروبية بشكل يجعل الأندية العالمية مجبرة على التأقلم مع هذا الشهر، تماماً كالذي يحدث مع غيرهم من أصحاب المعتقدات الأخرى.
اللاعب "مسعود أوزيل«، لاعب المنتخب الألماني لكرة القدم، يبدأ بقراءة القرآن الكريم قبل صفارة انطلاق المباراة بعشرين دقيقة، ويطلب من الله العون والتوفيق. يقول هذا النجم الألماني التركي الأصل: "لقد ولدت وترعرعت في أسرة متديّنة، وعشت هذه الأجواء والتربية منذ الطفولة".
أوزيل، الذي سجل هدفا رائعا في مرمى منتخب غانا في المونديال الأخير وكان نجم النجوم في المنتخب الألماني، نراه يلتزم بالعبادات، فهو يؤدي الصوم رغم صعوبته بالنسبة للاعب كرة القدم، يقول: "أنا أتمرّن وألعب المباريات بالرغم من أني صائم، وفي الصغر كان يصعب عليّ الصوم، أما الآن فيمكنني أن أتمرن وألعب وأنا صائم، وأنا أتذكر جيدا كيف كان أبي وأمي وأعضاء أسرتي يواظبون على فريضة الصوم. وإذا لم أستطع الصيام لأي سبب فإنني أبادر إلى القضاء حينما أتحسن. وكذلك أقضي أيام الصيام التي فاتتني سابقا«. وأكّد مسعود أوزيل، لاعب وسط المنتخب الألماني والذي ينحدر من أصول تركية، أنّه يحرص على تلاوة القرآن الكريم قبل المشاركة مع فريقه في مباريات كأس العالم، مشيراً إلى أن قراءته للقرآن تساعده على التركيز. وقال أوزيل ـ في حديث له مع صحيفة دير شبيغل الألمانية، نقله الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا): "إنني أقوم بتلاوة القرآن دائمًا قبل خروجي إلى الملعب وأقوم بالدعاء، وجميع زملائي في الفريق يعرفون أنهم لا يستطيعون التحدث إليّ خلال هذه الفترة القصيرة".
وصرح الألماني "أوزيل" بأنه يحب أن يقرأ القرآن قبل أيّ مباراة يلعبها، حيث عبّر عن حبه الشديد للقرآن وقال: "القرآن يعطيني القوة، إذا لم أقرأ القرآن قبل أيّ مباراة، أشعر بشعور سيئ بشكل عام"!
جدير بالذكر، أنه في هذه الأيام يطول النهار في ألمانيا ـ مسقط رأس مسعود اوزيل ـ فموعد أذان الصبح في شهر رمضان لهذا العام سيكون في الساعة الثانية صباحا، وأذان المغرب حوالي الساعة العاشرة مساء، فيبلغ النهار حوالي 20 ساعة على الصائم أن يمسك فيها، ومن الصعب جدا الصيام مع أداء التمارين ولعب المباريات.
ولم تقف براعة هذا اللاعب في تسجيل الأهداف والأداء الراقي، إلا أن هناك أمرا آخر يجعلنا نتعاطف معه ونقف بجانبه، فعندما يبدأ النشيد الوطني الألماني قبل انطلاقة المباراة يقوم جميع اللاعبين بأداء النشيد وسط معنويات عالية تشعر بحب الوطن، إلا أن اللاعب مسعود أوزيل التركي الأصل صاحب الجنسية الألمانية، يرفض أن يقدم النشيد الوطني ليقرأ آيات من القرآن أثناء النشيد الوطني.
هلّ علينا شهر رمضان الكريم، هذا الشهر الفضيل الذي أوجب الله تعالى على أمة الإسلام صيامه من الفجر إلى غياب الشمس، مع أعذار حصرها العزيز الحكيم بالمرض والسفر وأعذار خاصة بالمرأة والجوع والعطش المهلكين والإكراه والشيخوخة.
ويختلف علماء الدين في حكم إفطار لاعب كرة القدم أثناء اللعب، مع غالبية تميل لوجوب صيامه على أساس أنها مهنة كالمهن الأخرى التي يصوم فيها الناس، لذلك يميل معظم سفراء ديننا الحنيف في عالم اللعبة الشعبية الأولى إلى الصوم وتحمل مشقة شهر، طمعاً بمغفرة ذنوب دهر عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه".
كيف تتعامل الأندية مع اللاعبين الصائمين
تلجأ الأندية إلى فريقها الطبي للتعامل مع هذه المسألة التي يجب أن نعترف بصعوبتها وتعقيداتها، خاصة في أوروبا، حيث يمثل اللاعبون المسلمون أقلية في الملاعب وليس أكثرية، مما يجعل الخبرة في التعامل مع هذا الشهر غير متوفرة دائماً وهو ما يعلل ظهور بعض المشاكل كالتي حدثت بين المدرب جوزي مورينيو والنجم الغاني سليمان مونتاري، حيث لم يلعب طوال شهر رمضان سوى دقائق قليلة بسبب صيامه.
سلطت الأضواء على اللاعب حسين عبدالله، واحد من نجوم فريق "منيسوتا فايكنج« لكرة القدم الأمريكية، يواجه حاليا ضغطا من الصحف الأمريكية تطالبه بالإفطار في شهر رمضان وهو ما يرفضه اللاعب المسلم تماما، لأنه تعود على أداء هذه العبادة منذ أن كان صغيرا.
وذكرت وكالات الانباء الأجنبية، أن "فايكنج« يصر على الاعتماد بشكل كبير على حسين المولود لأسرة أمريكية مسلمة في لوس أنجلس بولاية كاليفورنيا الأمريكية. و قال مدرب الفريق، براد تشايلدريس: "صيامه في سبتمبر من العام الماضي أثر على أدائه كثيرا وهو ما لا نريده هذا العام، لذلك فنحن سنساعده على ذلك بدلا من أن نطلب منه شيا آخر".
وفي المقابل، أكد حسين عبدالله بأنه لن يضع أي شيء أمام واجبه كمسلم تجاه ربه وأن دينه هو الأهم وأضاف: "هو اختياري أنا وشيء أقوم به كل عام. الصيام جزء مهم من حياتي«. وكان أخصائي التغذية في الفريق، قد عمل مع حسين على تحضير وجبات له للحفاظ على طاقته ولياقته في رمضان، خاصة مع فقدانه الكثير من المياه نتيجة الجهد الذي سيبذله في الملعب عند مشاركته.
وأضاف متحدث عن الفريق، بأن لا نية للفريق في أن يتخلى عن لاعبه الذي يعتمد عليه، نافيا بذلك الشائعات التي ترددت في الصحف الأمريكية مؤخرا والتي قالت إن الفريق ينوي إبقاء حسين على مقاعد الاحتياط، وقال: "لقد كان وحيدا في العام الماضي وضعف جسمانيا وعانى من إرهاق كبير ولكن هذه السنة لن نتركه وحدة وسيكون لنا أخصائي غذائي ينظم له طعامه لكي يستفيد من كل العناصر التي سيفقدها جراء عدم تناوله الوجبات الثلاثة".
يذكر، أن حسين عبدالله المنضم إلى فايكنج في عام 2008 يصوم رمضان منذ أن كان في السابعة من عمره وأكد بأنه كان دائما ما يبقي أمر صيامه لنفسه ولكنه الآن يريد من العالم أن يلقي اهتمامه على دينه بشكل إيجابي.
وتزامنت المباراتان الأوليان أمام إيرلندا والبرازيل مع العشر الأواخر وانتهت الأولى بالتعادل (1-1) والثانية بخسارة (1-0)، غير أن الخسارة القاسية أمام المنتخب الاسباني بنتيجة (3-0) جرت بعد عيد الفطر المبارك.